سلسلة القبائل العربية في العراق (19)
قبيلة زبيد
عبد الهادي الربيعي
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 2 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 3 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
معروف أن قبيلة زبيد هي أحد القبائل القحطانية التي تنتمي الى مجموعة قبائل سعد العشيرة، ثم الى عمارة مَذْحِج، وقد انتقلت هذه القبيلة الى العراق أثناء الفتوح الإسلامية مع زعيمها معد يكرب الزبيدي، وهذا الكتاب وضعناه لتناول نبذة من تاريخهم، وترجمة أشهر رجالاتهم، وقد تعرضنا في الفصل الأول: الى موقع قبيلة زبيد في عقد القبائل اليمانية ونسبها وبعض بطونها المعاصرة، وفي الفصل الثاني: ذكرنا طرفا من تاريخ القبيلة في العصر الجاهلي والإسلامي، أما الفصل الثالث: فكان من حصة الصحابة منهم، والفصل الرابع: خصصناه لأصحاب الأئمة ورواة حديثهم.
وفي ختام هذه الكلمة أسجل شكري وتقديري لسماحة الشيخ علي الكوراني العاملي لرعايته لهذا الجهد، جعله الله ذخرا للأمة.
عبد الهادي الربيعي
25/محرم/1433 هـ
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 4 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل الأول: موقع زبيد في خارطة قبائل اليمن
ونبحث فيه
1- موقع زبيد في خارطة قبائل اليمن
يرجع النسابون قبائل اليمن كلها الى شعبين عظيمين، هما: بنو حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وبنو كهلان بن سبأ. وبالرغم من أن قبائل كهلان كانت أكثر عددا، إلا ملك اليمن كان بيد بني حمير، بينما تملك الكهلانيون أطراف بلاد العرب كالشام ونجد والعراق. وقد أولد كهلان: زيدا، وأولد زيد: مالكا، وعريبا (جمهرة أنساب العرب:2/330 ) ومنهما تفرعت قبائل كهلان.
فمن بني مالك بن زيد بن كهلان: الأزد، وهم شعب كبير يضم ستا وعشرين قبيلة (المفصل في تاريخ العرب:4/441) منهم: الأوس، والخزرج، وخزاعة، وغسان ملوك الشام.
ومن بني مالك بن زيد: همدان، وهي قبيلة كبيرة من قبائل كهلان، وذات تاريخ عريق، ومنها: خثعم وهي من القبائل المشهورة، وبجيلة،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 5 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وأنمار وغيرها من القبائل.
أما بنو عريب بن زيد بن كهلان، فمنهم قبائل عظيمة، وهي:
1- بنو أشعر، والنسب إليه أشعري، وهم: بنو أشعر (نبت) بن أُدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان. (جمهرة أنساب العرب:2/397)
2- بنو جلهمة (طيء)، والنسب إليه طائي، وهو طيء بن أُدد بن زيد بن يشجب، وقبيلة طيء قبيلة كبيرة مشهورة.
3- بنو مرة، وهم بطون عديدة تنتهي الى الحارث بن مرة بن أُدد بن زيد بن يشجب، منهم: قبيلة كندة ملوك نجد، ولخم رهط النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وجذام، وخولان، ومعافر وغيرها من القبائل.
4- مَذحِج، وهو مالك بن أُدد بن زيد بن يشجب، ومَذحِج ((في الأصل اسم أكمة حمراء باليمن ولد عليها مالك بن أدد فسمي باسمها)) (وفيات الأعيان:4/374) وقد أولد مالك (مذحج) خمسا، وهم:
أ- عنْس بن مذحج: ومن ذريته الصحابي المعروف عمار بن ياسر العنْسي، والأسود العنْسي المتنبأ باليمن.
ب- يحابر بن مذحج، ويسمى مراد: ومن ذريته: هاني بن عروة المرادي الشهيد في الكوفة مع مسلم بن عقيل عليه السلام ، وهي قبيلة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 6 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
سكنت الكوفة.
ت- جَلْد بن مذحج: وإليه تنسب قبائل النخع، وهم بنو جسر (النخع) بن عامر بن عمرو بن عُلَّة بن جلد بن مذحج منهم: مالك بن الحارث (الأشتر النخعي)، وبنو صداء بن يزيد بن حرب بن عُلَّة بن جلد، وبنو رَهاء بن منبه بن حرب بن عُلَّة، والنسب إليه رهاوي، وبنو مُسيلة بن عامر بن عمرو بن عُلَّة بن جلد.
ث- لميس بن مذحج: وكان عددهم قليلا فدخلوا في مراد (جمهرة أنساب العرب:2/405)
ج- سعد العشيرة بن مذحج: وقد أولد تسعة، وهم: الحكم، والصعب، ونمرة، وجُعَفي، والحر، وعائذ الله، وأوس الله، وزيد الله، وأنس الله. (المصدر السابق:2/407)
فأما الحكم بن سعد العشيرة: فلهم ((بقية كثيرة باليمن، منهم بنو مطير. كانوا يقطنون بتهامة في نواحي أبو عريش، مجاورين لحاشد، وخولان)) (معجم قبائل العرب:1/286)
وأما نمرة بن سعد العشيرة: فمنهم بنو الحدأ، وهم قوم سكنوا الكوفة (إكمال الكمال:2/407)، وبنو سليم دخلوا في مراد. (جمهرة أنساب العرب:2/308 )
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 7 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وأما جُعْفي: بضم الجيم وسكون العين، وهي قبيلة كثيرة العدد، منهم بنو مرَّان، وبنو حريم (المعارف:ابن قتيبة/106) ومن أشهر رجالاتهم: عبيد الله بن الحر الجعفي، وجابر بن يزيد الجعفي، ومجموعة كبيرة من أصحاب الأئمة عليهم السلام .
وأما الحر بن سعد العشيرة: فمنه الحمد، والعدل. (جمهرة أنساب العرب:2/408)
وأما عائذ الله: فمنه بطون منهم: بنو مالك بن مشوف، وبنو معاوية بن مافان (المصدر السابق) ويبدو أن عددهم في الكوفة كان كبيرا حيث كانت لهم فيها خطة، قال الشيخ النجاشي في الرجال:238، في ترجمة عبد الرحمان بن عمرو العائذي: ((عبد الرحمن بن عمرو العائذي: كوفي، والكوفيون يقولون: العيذي،- ثم استدرك فقال للتفريق بينهم وبين عائذة قريش-: وهو عائذ الله بن سعد العشيرة من مذحج، وربما كان هذا النسب أصح؛ لأن عائذة قريش ليس لها بالكوفة خطة، والخطة لعائذة اليمن)).
ومن أوس الله بن سعد العشيرة: أسلم، حي باليمن (جمهرة أنساب العرب:2/408)، ولأنس الله ذرية كثيرة، منهم: ذباب بن الحارث الأنسي، من خيرة المؤمنين بالله ورسوله، وابنه عبد الله، قال ابن سعد في
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 8 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الطبقات:1/342، ((لما سمعوا-يعني بني سعد العشيرة- بخروج النبي صلى الله عليه وآله وثب ذباب رجل من بني أنس الله بن سعد العشيرة إلى صنم كان لسعد العشيرة يقال له فراض فحطمه... ثم وفد الى النبي صلى الله عليه وآله وأسلم.... كان عبد الله بن ذباب الأنسي مع علي بن أبي طالب عليه السلام بصفين، فكان له غناء))، وعدَّ الشيخ الأميني في الغدير:9/366، عبد الله بن ذباب من جملة البدريين الذين شهدوا صفين مع أمير المؤمنين عليه السلام .
وأما زيد الله بن سعد العشيرة: فقد ((دخلوا في جعفي. وقال أبو عمرو: هو زيد اللات)) (تاج العروس: الزبيدي:4/478) منهم مليكة بنت عمرو صحابية روت عن رسول الله صلى الله عليه وآله في باب التداوي بسمن البقر. (مجمع الزوائد:5/90،المعجم الكبير:25/42)
وأما صعب بن سعد العشيرة. فقد أولد: منبها، وهو زبيد الأكبر ومنه ينحدر الزبيديون، وأخيه أودا. وبنو أود بطن سكنوا الكوفة أوائل الفتح الإسلامي (جمهرة أنساب العرب:2 /411)، منهم: الأفوه الأودي الشاعر: صلاءة بن عمرو بن مالك، وخرشة بن مر بن مالك بن جزء، أحد أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام . (نسب معد واليمن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 9 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الكبير:134)، وبالرغم من عدم وجود دور واضح لبني أود في أحداث الكوفة وكربلاء واستشهاد الحسين عليه السلام ، إلا أن المؤرخين عدُّوا هذه القبيلة في عداد القبائل الموالية لآل أمية وبني مروان، وعلى العكس من بني عمومتهم بني زبيد. (أنظر: الكوفة وأهلها في صدر الإسلام: صالح أحمد العلي:492، شرح نهج البلاغة:4/61)
2- نسب زبيد
إذن ترجع قبيلة زبيد في أصولها الى مذحج أحد قبائل كهلان، فبنو زبيد، هم: بنو منبه بن صعب بن سعد العشيرة بن مالك (مَذحِج) بن أُدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، ويسمى زبيد الأكبر، ويعود قسم منهم في نسبهم الى أحد ولده، وهو: منبه بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن منبه بن صعب بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد، وهو زبيد الأصغر.
وفي سبب تلقيبهم بزبيد، قال ابن سعد في الطبقات:4/198 ((لما كثر عمومته، وبنو عمه، قال: من يزبدني نصره؟ يعني يعطيني نصره على بني أود. فأجابوه، فسموا كلهم زبيدا)). لكن ابن الأثير في اللباب في تهذيب الأنساب:2/60 نسب هذا القول لزبيد الأكبر منبه بن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 10 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
صعب، قال: ((واسم زبيد، منبه بن صعب بن سعد العشيرة ... وإنما قيل له زبيد؛ لأنه قال: من يزبدني رفده؟ فأجابه أعمامه. فقيل لهم جميعا: زبيد، وينسب إليها خلق كثير من الصحابة، ومن بعدهم من العلماء....)).
وقال ابن حزم في جمهرة أنساب العرب:2/405: في سبب تلقيب جدهم الأعلى بسعد العشيرة: ((لأنه كان يركب في ولده من صلبه في ثلاثمائة فارس)).
وتعدُّ قبيلة زبيد من القبائل العربية القديمة، ويشهد بذلك النسابون والمدونات التاريخية، فبين جدهم الأعلى زبيد الأكبر (منبه) وبين كهلان أبو القبائل الكهلانية ثمانية آباء فقط، ويبدو أن قبيلة زبيد كانت موجودة ومعروفة أيام سيل العرم، وانهيار سد مأرب قبيل القرن الخامس الميلادي (القبائل العربية في مصر:د/عبدالله البري ص148).
وعندما هاجرت قبائل اليمن الى عمان والشام والعراق ونجد والبحرين آنذاك، كانت زبيد ممن هاجرت منهم أعداد كبيرة مع المهاجرين الى هذه المناطق الجديدة.
كما ورد ذكر ودور لزبيد في الأحداث في تاريخ اليمن القديم في
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 11 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أواخر القرن الثالث للميلاد، على عهد مملكة سبأ وذي ريدان، أي قبل شروق فجر الإسلام بأكثر من ثلاثة قرون، قال محمد عبد القادر في تاريخ اليمن القديم ص144 ما ملخصه: ((إن سعد تالب يتلف الجدني كبير الأعراب، قد قسَّم العشائر التي كانت تحت إشرافه الى قسمين، يضم الأول منهما: كندة، ومذحج، وحرمم (جذام)، وباهل، وزبد إل (زبيد)-إذ أن زبيد مصغر زبد- والقسم الثاني يضم: سبأ، وحمير، وحضرموت، ويمنت)).
بل لعل قبيلة زبيد كانت موجودة وذات عدد قبل هذا التاريخ بثلاثة قرون أو أكثر، ويدل على ذلك ما ذكره الدكتور جواد علي في المفصل:1/651 حيث قال: ((ولما وقعت الحرب بين يوناتان المكابي -أحد زعماء أسرة المكابيين اليهودية التي حكمت الشام- وديمتريوس الثاني -أحد ملوك الروم-، ضرب يوناتان العرب المسمين بالزبديين وأخذ منهم غنائم كثيرة، حدث ذلك سنة (144 ق.م) ويروي بعض علماء التوراة أن هذه القبيلة العربية زبد (زبيد) كانت تنزل في موضع شمال غربي دمشق، ويرى بعض آخر احتمال أن ذلك المكان هو الزبداني، الذي يبعد عشرين ميلا من الشام على طريق دمشق بعلبك)).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 12 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
إلا أن الروسان في القبائل الصفوية والثمودية ص341 قال: ((أن هذه القبيلة هي إحدى القبائل الصفوية، وهي قبائل عربية قيل أنها انقرضت في القرن الثالث للميلاد، وكانت تسكن جنوب الشام، كما أنه ضبط الكلمة (زيد إل) بالياء)).
ومما يدل على هجرة بني زبيد الى العراق قبل الفتح الإسلامي بعهد بعيد، ما ذكره الحموي في معجم البلدان في مادة سنجار ج3 ص262 قال: ((قدم خالد الزبيدي في ناس معه من زبيد إلى سنجار، ومعه ابنا عم له يقال لأحدهما صابي، وللآخر عويد، فشربوا يوما من شراب سنجار، فحنوا إلى بلادهم فقال خالد:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 13 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أيا جبلي سنجار ما كنتما لنا * مقيظا ولا مشتى ولا متربعا
ويا جبلي سنجار هلا بكيتما * لداعي الهوى منا شنينين أدمعا
فلو جبلا عوج شكونا إليهما * جرت عبرات منهما أو تصدعا
بكى يوم تل المحلبية صابئ * وألهى عويدا بثه فتقنعا
وعلق الحموي في مادة جدال ج2 ص112 على هذا الشعر بالقول: ((جدال: قرية كبيرة عامرة على تل عال .... ولها ذكر في الشعر القديم، قال رجل من بني حيي، من النمر بن قاسط يقال له دثار يهجو رجلا من بني زبيد يقال له خالد:
أيا جبلي سنجار هلاَّ دققتما * بركنيكما أنف الزبيدي أجمعا
لعمرك ما جاءت زبيد لهجرة * ولكنها كانت أرامل جوَّعا
فقد وصف شعر النمري بالقديم، وقد صرَّح النمري في شعره أن هجرة زبيد كانت طلبا للرزق، بل وليس في شعر الزبيدي ما يدل على أن مجيئهم الى العراق كان لغرض حربي، فمن مجموع هذه القرائن يستفاد أن هجرات قبيلة زبيد الى العراق بدأت قبل الفتوح الإسلامية.
وما نريد تثبيته هنا هو: إن عمر هذه القبيلة وفق معطيات التاريخ المذكورة آنفا لا يقل عن عشرين قرن من الزمن وربما أكثر، فهي من القبائل الموغلة في القدم، كما حافظت زبيد على اسمها منذ ذلك اليوم حتى الآن، وهو أمر يكاد يكون نادرا لا يتحقق إلا لبعض القبائل، إذ غالبا ما تتبدَّل أسماء القبائل بتقادم الزمن.
3- مواطن زبيد
معروف أن مواطن زبيد كانت مع القبيلة الأم مذحج، وديار مذحج كانت ما بين نجران متجها الى الشمال الشرقي، حتى أطراف وادي تثليث ووادي الدواسر، قال الحموي في معجم البلدان:2/137، والبكري في معجم ما استعجم:1/9 في تحديد بلاد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 14 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
العرب من نجد والعروض وتهامة.. ((ومن بلاد مذحج تثليث وما دونها إلى ناحية فيد حجازا، والعرب تسميه نجدا وجلسا وحجازا، والحجاز يجمع ذلك كله))، ويعني ذلك أن بلاد مذحج كانت تقع جنوب الحجاز. وقال ابن خلدون في تاريخه:4/225 : ((بلاد مذحج: موالي جهات الجُنْد من الجبال، وينزلها من مذحج عنس وزبيد ومراد ومن عنس بإفريقية فرقة، وبرية مع ظواعن أهلها، ومن زبيد بالحجاز بنو حرب بين مكة والمدينة)).
والجُنْد، غير مقاطعة الجَنَد أحد المقاطعات التي كان يتألف منها اليمن يوم ذاك، ومركزها حاليا محافظة تعز اليمنية. بل هو جبل في اليمن، ولم أعثر على تحديد موضعه في كتب البلدانيين، إلا أن ثمة قرائن تشير الى أنه يقع شمال اليمن قريبا من صعده، وقد تردد ذكره كثيرا في أشعار عمرو بن معد يكرب الزبيدي، قال:
لمن طلل بتيمات فجند * كأن عراصها توشيم برد
وقال أيضا:
أسيِّرها إلى النعمان حتى * أنيخ على تحيته بجند
وقال أيضا:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 15 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
نحن هزمنا جيش صعدة بالقنا * جوافل حتى ظل جند كأنه
* ونحن هزمنا الجيش يوم بوار من النقع شيخ عاصب بخمار
(معجم ما استعجم:البكري:2/397)
ومن المواضع التي ذكرها علماء البلدان لقبيلة زبيد:
1- أنسب: من حصون بني زبيد باليمن. (معجم البلدان:1/265)
2- أراكة: قرية في أسفل بلد زبيد. (صفة جزيرة العرب:80)
3- بلاع: وادٍ فيه نخل، وهو غير بلاع في بلد خثعم، ويسكن هذه البلاد من قبائل زبيد: الأغلوق، وبنو مازن، وبنو عصم. (المصدر السابق:80)
4- تثليث: ((واد بنجد، وهو على يومين من جرش في شرقيها إلى الجنوب، وعلى ثلاث مراحل ونصف من نجران إلى ناحية الشمال. قال: وتثليث لبني زبيد، وهم فيها إلى اليوم، وبها كان مسكن عمرو بن معد يكرب الزبيدي)). (صفة جزيرة العرب، باختصار:80)
5- حماك: حصن لبني زبيد باليمن. (معجم البلدان :2/298)
6- الحصيب: قرية زبيد، وهي للأشعريين، وقد خالطهم بآخرة بنو وافد من ثقيف. (المصدر السابق:2/266)، وزَبيد: بفتح الزاي اسم وادٍ باليمن، والمعروف أن سكانه من الأشعريين، إلا أن اليعقوبي في
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 16 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
البلدان ص106، ذكر أنه من مواضع القبيلة، قال: ((الحصيب أهلها زبيد، والأشعريون)).
7- الخصاصة: بليد في ديار بني زبيد، وبني الحارث بن كعب بين الحجاز وتهامة. (المصدر السابق:2/375)
8- ديمات: موضع بديار بنى زبيد، قال عمرو بن معد يكرب:
لمن طلل بديمات فرقد * يلوح كأنه تحبير برد
(معجم ما استعجم: البكري:4/1411)
9- ذو كزَّان: وادٍ لبني حبيش من زبيد. (صفة جزيرة العرب:66)
10- ريمة: من حصون صنعاء لبنى زبيد. (معجم البلدان:3/115)
11- سازة: قرية باليمن من نواحي بنى زبيد. (المصدر السابق:3/171)
12- صيد: وادٍ لنبي حبيش. (صفة جزيرة العرب:66)
13- العصم: حصن لبني زبيد باليمن. (معجم البلدان:4/128)
14- فعن: من حصون بني زبيد باليمن. (المصدر السابق:4/268)
15- مثوة: من حصون بني زبيد باليمن. (المصدر السابق:5/55)
16- مريع: وهو من الريع والنماء، اسم موضع بين نجران وتثليث على طريق المختصر من حضرموت، وهو لبني زبيد، قال أبو زياد: مريع هي جبال وثنايا وأودية من بلاد بني زبيد. (المصدر السابق:5/ 118)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 17 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
17- هليل: وادٍ لبني حبيش من زبيد. (صفة جزيرة العرب:66)
18- هيوة: حصن لبني زبيد باليمن. (معجم البلدان:5/422)
4- أشهر بطون زبيد القديمة
قال ابن الكلبي في نسب معد واليمن الكبير ص134: ((ولد منبه، وهو زبيد بن صعب بن سعد العشيرة: ربيعة، والحارث.
فولد ربيعة بن منبه: مازنا، وهو بطن، والحارث وهو قطيعة، وهم بطن، ونصرا.
فولد مازن بن ربيعة: سلمة، ومالكا، ومعاوية، وسعدا، والحارث، وكعبا.
فولد سلمة بن مازن: ربيعة، ومالكا، وكعبا. فولد ربيعة بن سلمة: منبها (وهو زبيد الأصغر) والحارث، وعبد الله، ومالكا. فولد زبيد بن ربيعة: عمرا، وربيعة، ومعاوية، والأحنف، وكليبا.
فولد عمرو بن زبيد: عصما، ووعوعا، ومالكا، وأسامة، وامرئ القيس....
وولد الحارث بن منبه: حيَّا، فولد حيُّ بن الحارث بن زبيد: نشوان)). ومن هؤلاء انحدرت بطون قبيلة زبيد، ومن أهم البطون
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 18 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
القديمة لهذه القبيلة:
1- الأغلوق: بطن من زبيد كانوا يسكنون وادي بلاع. (صفة جزيرة العرب:80)
2- حبيش: بطن من زبيد ذكرهم الهمداني في صفة جزيرة العرب: ص64 .
3- زبيد الأصغر: بطن كبير وإليه تنسب عشائر كبيرة في العراق حاليا، وهم بنو زبيد (منبه) بن ربيعة بن سلمة.
4- قُطيعة: وهم بنو الحارث بن ربيعة بن منبه. (الأنساب: السمعاني:4/523)
5- بنو عصم أو عاصم: بطن من زبيد الأصغر انحدر منه عمرو بن معد يكرب الزبيدي. (صفة جزيرة العرب:80، خزانة الأدب: 6/227).
6- مازن: وهم بنو مازن بن ربيعة بن زبيد، قال ابن عبد البر في الإنباه على قبائل الرواة:ص105: ((ومازن في العرب كثير، فمازن المعروفة في زبيد من مذحج....))
7- مالك بن سلمة: بطن من زبيد، وهم: بنو مالك بن سلمة ابن مازن بن ربيعة بن منبه. (معجم قبائل العرب: 3/1031)
8- نشوان: وهم بنو نشوان بن حيي بن الحارث بن منبه. (جمهرة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 19 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أنساب العرب: ابن حزم:412)
5- عشائر زبيد المعاصرة
قال الأستاذ المحمداوي في كتابه العشائر الزبيدية ص7: ((النسابون أكدوا على أن زبيد العراق هم: زبيد بن معن بن عمرو بن عنين بن سلامان الطائي -أي أنهم من طيء، وليس من سعد العشيرة- ولكن بعض الباحثين المتأخرين يرجعون زبيد الى عمرو بن معد يكرب اعتمادا على ما يقوله شيوخ عشائرهم، وهم يدعون إن هذا جاءهم بالتواتر، وأول الباحثين الذين ذكروا ذلك السماع ووثقوه الأستاذ عباس العزاوي)). (وانظر كتابه الآخر: تاريخ وأنساب عشائر العزة، وآل بو محمد:15)
وقد اعتمد الباحث المذكور على قول القلقشندي في نهاية الأرب ص269 عند ذكره لزبيد طيء، قال: ((قال ابن سعيد - صاحب نشوة الطرب- وزبيد هؤلاء هم ببرية سنجار من الجزيرة الفراتية))، وقد مرَّ بنا قول الحموي والأشعار التي ذكرها أن زبيدا من مذحج سكنت سنجار قبل العهد الإسلامي، كما وأن سكنى زبيد طيء شمال العراق إن صحَّ لا يعني أن كل زبيد العراق منهم.
والحاصل: عقد الأستاذ عباس العزاوي في الجزء الثالث من كتابه
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 20 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
(عشائر العراق) فصلا طويلا عدد فيه العشائر التي تنتسب الى زبيد وتفرعاتها في العراق جاوز المائتي صفحة، ولا يسعنا ذكر جميع تلك العشائر والتفرعات في هذا الموجز المختصر، لذا سنورد ذكر الأصول الرئيسة منها، واستميح من غفلت عن ذكرهم العذر.
1- عشائر زبيد الأكبر
وتتألف من عدة عشائر كبيرة، والرئاسة فيهم لآل عبد الله ويسكنون أنحاء الصويرة (عشائر العراق:3/32). على أن كل عشيرة من هذه العشائر بطن مستقل بذاته لكثرتهم.
1- آلبو سلطان: ويسكنون شمال الحلة، ويتفرعون الى مجموعتين: آلبو محمد، وآلبو حمد، ولكل مجموعة منها فروع. (المصدر السابق:3/39، موسوعة عشائر العراق:1/399)
2- الجحيش: وهي قبيلة كبيرة العدد، أغلبهم يسكنون الحلة، ومنهم في الموصل، ويتفرعون الى: الفرج، وهم الرؤساء، وآلبو كليب، وآلبو نعيم، وآلبو صالح، والكلابيون، ومن فرق الجحيش في الموصل: العيسى، والفارس، وآلبو متيوت، وتنقسم هذه العشائر الى فروع أخرى عديدة. (عشائر العراق:3/ص40-48)، وذكر الروضان لهم تسعا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 21 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وثلاثين عشيرة. (موسوعة عشائر العراق:1/153)
وفي إقليم خوزستان فرق من الجحيش يسكنون المحمرة وعبادان ورامز والأهواز وهنديان. (أنساب القبائل العربية في خوزستان:رؤوف السبهاني:162)
3- السعيد: ويسكنون عفك والدغارة والمحمودية، ومن فرقهم: آل راشد، وآلبو جمعة، والشجير، ويتبع كل فرقة فروع عديدة. (المصدر السابق:3/48- 51).
4- البو عجيل: ويسكنون الرحمانية، والحرية، ومناطق أخرى شمال الحلة، ومن فرقهم: المصاليخ، وآلبو غنيمة، وآلبو سهيل، وآلبو عبيد، وعبد الجادر، والحضاريون، وآلبو خليف، والگرارصة، وآلبو خميس. (المصدر السابق:3/51-53، القاموس العشائري العراقي:2/35)
5- المعامرة: ويسكنون المحاويل والمسيب شمال الحلة، ومن فروعهم: آلبو شريعة، وآلبو حامد، وآلبو حمير. (المصدر السابق:3/53-54).
6- العمار: ويسكنون النيل شمال الحلة أيضا، وقيل أنهم فرع من الجحيش، والصحيح أنهم مستقلون. (المصدر السابق:3/54)
7- آلبو محمد: ويصح تسميتها عمارة لانقسامها الى عدة قبائل، ثم انقسام القبائل الى عشائر، ويسكنون محافظة ميسان والبصرة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 22 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وقد ذكر الأستاذ عبد عون الروضان في كتابه موسوعة عشائر العراق:ج2 ص342، أنها تنقسم الى أربع قبائل، وهي: آل لويلو، وآل بو عبود، والشدة، والبطابطة أولاد كامل، وتنبثق من هذه القبائل الأربعة سبع وعشرين عشيرة، تتبعها أفخاذ وفند. لكن المحمداوي في تاريخ وأنساب عشائر العزة ص163، قسمهم الى ثلاث قبائل: آل كامل، وآل عبود، وآل شدود، وهو نفسه لويلو. ومن عشائرهم: بيت منشد، وبيت فيصل، وبيت مشتت، وبيت موزان، وبيت دهام، وبيت عرمش، والحمران، وآلبو عبود، ومنهم: عشيرة البيضان، والبو علي، ومطير، وبيت خليفة والمصاليخ وسليم وشميل. ومن عشائر آل بو محمد: الشموس، والبطابطة، وبيت نويصر، وبيت صقر، والعشمان، وبيت فياض، وبيت ضمد، وبيت غضب، وآلبو غنام، وآلبو بخيت، والنوافل، وآلبو سليِّم، وبيت صحن، وبيت غافل، وبيت عجيل، وبيت شيخ زيني، وآل حميد، والفريجات، والسويعديين. (وانظر: تاريخ العمارة وعشائرها: الندواني ص61)
وذكر المحمداوي في كتابه العشائر الزبيدية ص9 آل بو محمد في عشائر العزة في زبيد الأصغر.
8- السواعد: ويسكنون قلعة صالح، والكحلاء، والمشرح، والزبير،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 23 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ومن فرقهم: بيت زامل، وبيت عبد السيد، والكورجة، والسواعد البتران، الغرة، بيت صخر، ويتفرع كل من هذه الفروع الى حمائل كثيرة. (عشائر العراق:1/414-423)
2- عشائر زبيد الأصغر
1- الجبور: واختلف فيهم هل هم من زبيد الأصغر، أم من زبيد الأكبر، بعد الاتفاق على أنهم من زبيد، وهي عشيرة كبيرة، منتشرة في كل أنحاء العراق تقريبا من الموصل وربيعة شمالا الى البصرة جنوبا، والكثير منهم في الحلة، ومن أبرز تفرعاتهم: الهياجل، والحسون، والشويخ، وآلبو سالم، والقضاة، وآلبو نجاد، وآلبو خطاب، وآلبو طعمة، وآلبو عميرة، وجبور الواوي، وآل دانة، والدعوم، والحجاج، والجوارزية، والصقور، وآلبو مصري، وعشيرة الإمام، ولكل هذه العشائر فروع كثيرة. (موسوعة عشائر العراق:1/130- 152) وزاد العزاوي فيهم: اللهيب، والجفاينة، والشرابيون. (عشائر العراق: 3/77-99) .
2- الجنابيون: ويسكنون بغداد والحلة وتكريت، ومن فرقهم: عشيرة النوافلة، والمصالحة، والمراشدة، وآلبو مهلهل، وآلبو حسون، وآلبو صقر، ومن الجنابات من يسكنون الكوفة وأنحائها. (عشائر العراق:3/97- 105) وأرجع المحمداوي الجنابيين في العشائر الزبيدية ص213الى زهير بن جناب الكلبي، من كلب قضاعة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 24 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
3- الدليم: وهي عشيرة كبيرة، يسكن أغلبهم الأنبار، ولها فروع كثيرة، وهم ثلاثة أقسام: خلفة سبت، ومنهم: آلبو رديني، وآلبو خليفة، وآلبو مرعي، وآلبو سالم، وآلبو نمر، وآلبو علوان، وآلبو فهد، وآلبو كليب، والحلابسة، وآلبو عبيد، وآلبو بالي، والكرابلة، والملاحمة.
خلفة خميس (المحامدة)، ومن فروعهم: آلبو عزام، وآلبو ذياب، وآلبو شهاب، والمصالحة، والكحاليون، وآلبو عكاش، وآلبو طعمة، والفلاحات، والجريصات، والشيحة، وآلبو كريفع، وآلبو خميس، ودليم الخضر، والخوابزة، والمشاك، وآلبو سلمان، والمالج، والصباح، والعواصم.
خلفة جمعة: (آل فتلة): وهي عشيرة كبيرة معروفة، انفصلت عن القبيلة الأم، وتنقلت بها الحال، حتى استقروا في الديوانية، وجنوب النجف، ومن فروعهم: آل دليهم، آل گيم، آل عزيز، الفيادة، آلبو موسى، آل إسماعيل، آلبو حسون، آلبو محاسن، آلبو جاسم، ولكل هذه الفروع تفرعات، وحمائل كثيرة. (المصدر السابق:3/105- 151)
4- العقيدات: وهي من العشائر الزبيدية، ويسكنون الفرات الأعلى والموصل، ومن أبرز تفرعاتهم: آلبو كامل، آلبو ليل، خلفة جلال، خلفة كمال، الظريفات، ولهم فروع أخرى كثيرة. (موسوعة عشائر العراق:2/150-155)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 25 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
5- العبيد: ونسبهم الحيدري في عنوان المجد ص100 الى قضاعة ثم الى حمير، بناءا على النظرية القائلة أن قضاعة بطن من حمير، ولعله أخذ ذلك من ابن سعيد في نشوة الطرب ص59 حيث نسبهم الى: العبيد بن الأبرص بن عمرو بن أشجع بن سليح بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، وقال: ملوك سنجار والحضر من بلاد الجزيرة، وكانوا خلقا كثيرا، وذكر من مشاهيرهم الضيزن بن معاوية بن عبيد. (راجع مقدمة السلسلة ص32)
لكن العزاوي ومن تبعه نسبوهم الى زبيد، ومن فرق هذه العشيرة: آلبو مشهد، آلبو حمد، آلبو علي، آلبو سيف، آلبو علگة (علقة)، آلبو رياش، الهيازع، آلبو عساف، ويتبع كل فرقة منها فروع كثيرة. (موسوعة عشائر العراق:2/115- 122، عشائر العراق:3/151-162)
6- العزة: وكثرتهم في ديالى، ومنهم في باقي المحافظات كالحلة والكوت والعمارة والأنبار.... ومن فرق هذه العشيرة: الأجود، وآلبو عواد، وآلبو طراز، وآلبو بكر، وحردان، وآلبو حامد، ومنهم: آلبو محمد المار ذكرهم. (موسوعة عشائر العراق:137-143) وآلبو فراج، ومنهم في نجد وفلسطين، وهناك عشائر أخرى ملحقة بهذه العشيرة، ولهذه الفروع المذكورة حمائل وفروع. (عشائر العراق:3/162- 188)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 26 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل الثاني: نبذة من تاريخ القبيلة
تعدُّ زبيد من القبائل العربية المحاربة، وربما يشهد لذلك كثرة الحصون في بلادهم، ومن أشهر أيامهم التي ذكرها المؤرخون أو التي وردت في الأشعار المأثورة عن العرب:
1- يوم الأرنب: وهو موضع، جرت فيه معركة بين زبيد وبين بني الحارث بن كعب بن مرة بن سعد العشيرة، قال البكري في معجم ما استعجم:1/41 ما ملخصه: ((فلما كثرت بطون جرم ونهد في جبال السراة، تقاتلوا ووقع الشر بينهم، فلحقت بنو نهد -بن زيد بن ليث، بطن من قضاعة- ببني الحارث بن كعب، فحالفوهم وجامعوهم، ولحقت جرم بن ربان - بطن من قضاعة أيضا- ببني زبيد، فحالفوهم وصاروا معهم، فنسبت كل قبيلة مع حلفائها، يغزون معهم، ويحاربون من حاربهم، حتى تحاربت بنو الحارث وبنو زبيد في الحرب التي كانت بينهم، فالتقوا وعلى بني الحارث عبد الله بن عبد المدان، وعلى بني زبيد عمرو بن معد يكرب الزبيدي، فتعبي القوم، فعبيت جرم لنهد، وتواقع
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 27 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفريقان، فاقتتلوا، فكانت الدبرة يومئذ على بني زبيد، وفرت جرم من حلفائها من زبيد.
ثم جرت وقعت أخرى بين زبيد وبين بني زياد من بني الحارث بن كعب بعد المعركة السابقة، وكان النصر فيها لبني زبيد هذه المرة، وفيها يقول عمرو بن معد يكرب:
عجت نساء بني زياد عجَّة * كعجيج نسوتنا غداة الأرنب
(الطبري:4/357)
2- يوم شجوة: وشجوة واد بتهامة يصب من جبل يقال له فحل، جرت فيه معركة بين زبيد وبني مراد (معجم البلدان:3/362)
3- يوم بوار: ورد له ذكر في شعر معدي كرب الزبيدي، قال:
نحن هزمنا جيش صعدة بالقنا * جوافل حتى ظل جند كأنه
ونحن هزمنا الجيش يوم بوار * من النقع شيخ عاصب بخمار
ويبدو من هذه الأبيات أن ثمة يوم آخر لهم وهو يوم صعدة.
4- حربهم مع الأزد: وتقاتلت مذحج ومعها زبيد مع الأزد، قال حاجز الأزدي:
فجاءت خثعم وبنو زبيد * فلم نشعر بهم حتى أناخوا
ومذحج كلها وابنا صحار * كأنهم ربيعة في الجمار
(معجم ما استعجم:1/31)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 28 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
5- يوم تثليث: وفيه غزت بنو سليم مرادا، فجمع لهم عمرو بن معد يكرب فالتقوا بتثليث من أرض اليمن، فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل من كبار مراد ستة، وقتل من بني سليم رجلان، وصبر الفريقان حتى كره كل واحد منهما صاحبه. (خزانة الأدب:8/323)
6- يوم أمول: وهو موضع تلقاء حلية، كانت فيه وقعة بين بني صاهلة وهم بطن من هذيل وبين زبيد، كانت فيه الغلبة لبني صاهلة. (المصدر السابق:1/196)
7- مع بني مازن من قومهم: ذكرها البغدادي في خزانة الأدب:6/326.
8- حربهم مع خثعم: ذكر هذه الوقعة ابن شهر آشوب في المناقب ج2 ص333 في معرض نقله قول عمرو بن معد يكرب عن شجاعة أمير المؤمنين عليه السلام ، ((وكان كثيرا ما يُسأل عن غاراته. فيقول: قد محا سيف علي الصنائع))
9- يوم فيف الريح: وسنذكر خبر هذا في بني عامر بن صعصعة.
10- حربهم مع كنانة: ذكرها المسعودي في مروج الذهب:2/329 وسنورد لها ذكرا في كتاب كنانة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 29 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
حلف الفضول
يعدُّ حلف الفضول أقدم وثيقة بشرية في مجال حقوق الإنسان، وإنصاف المظلوم من ظالمه، وقد قام هذا الحلف بدعوة من سادة العرب بني هاشم، لإنصاف مظلوم من بني زبيد باع سلعته للعاص بن وائل أبو عمرو بن العاص فغمطه حقه، وقد شهد هذا الحلف رسول الله صلى الله عليه وآله وله من العمر يوم ذاك عشرون سنة، قال البلاذري في أنساب الأشراف:2/ ص 12 – 13: ((وكان سبب الحلف أن الرجل من العرب أو العجم كان يقدم بالتجارة فربما ظلم بمكة، فقدم رجل من بني زبيد بسلعة فباعها من العاص بن وائل السهمي، فظلمه فيها وجحده ثمنها، فناشده الله فلم ينفعه ذلك عنده، فنادى ذات يوم عند طلوع الشمس وقريش في أنديتها:
يا آل فهر لمظلوم بضاعته * ببطن مكة نائي الحي والنفر
ومحرم أشعت لم يقض عمرته * يا آل فهر بين الركن والحجر
فقال الزبير -بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وآله - : ما لهذا مترك، فجمع إخوته، واجتمعت بنو هاشم، وبنو المطلب بن عبد مناف، وبنو أسد بن عبد العزى بن قصي، وبنو زهرة بن كلاب، وبنو تيم بن مرة بن كعب في دار أبي زهير عبد الله بن جدعان القرشي... فتحالفوا على أن لا يجدوا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 30 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بمكة مظلوما إلا نصروه ورفدوه وأعانوه حتى يؤدى إليه حقه، وينصفه ظالمه من مظلمته، وعادوا عليه بفضول أموالهم ما بل بحر صوفه، وأكدوا ذلك وتعاقدوا عليه وتماسحوا قياما. وشهد رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك الحلف فكان يقول: ما سرني بحلف شهدته في دار ابن جدعان حمر النعم. فسمي الحلف حلف الفضول لبذلهم فضول أموالهم .... وأقام الزبير ومن معه بأمر الزبيدي حتى أنصفه العاص بن وائل)).
نبذة من تاريخهم في عصر الرسالة
عرفت القبائل اليمانية الحضارة والاستيطان في المدن والقرى وامتهان الزراعة، وجني المحاصيل، ووفرة الأموال، ورغد العيش قبل القبائل العدنانية بوقت طويل بسبب طبيعة اليمن الجغرافية حيث تنتشر الأنهار والسدود والوديان في كل أرجائها، وتأسست في اليمن عدة دول وحضارات، ومن هنا كانت القبائل اليمانية أكثر تحضرا وانفتاحا على الآخرين وتقبلا للأفكار الوافدة، كما كانوا أكثر طاعة للقادة لتعودهم على طاعة الملوك.
أما القبائل العدنانية فقد كانت تعيش حياة بداوة وجشوبة عيش
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 31 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
يصارعون الحجر والرمال ليستخرجوا منهما لقمة عيشهم، مما أثرت هذه الطبيعة الخشنة على طباعهم، فكانت الخصومة والتنازع والتحاسد يطبع حياتهم، ولذلك قلَّ اجتماع العدنانيين تحت رئاسة رئيس واحد، وربما فضلوا الخضوع لحكم رئيس بعيد عنهم على الخضوع لشخصية منهم، ومن هنا يلحظ أن ما واجهه النبي صلى الله عليه وآله وقاساه من القبائل العدنانية كان أكثر بكثير عما لاقاه في سبيل الدعوة من قبائل اليمن، ولم تستنزف اليمن بكل قبائلها في قبول الدعوة الإسلامية عُشر الجهد الذي بذله الرسول صلى الله عليه وآله في سبيل إقناع القبائل العدنانية بدعوته.
وكان عدد السرايا التي بعثها صلى الله عليه وآله الى اليمن قليلا، كما لم تكن المعارك التي خاضها المسلمون مع أبناء القبائل اليمنية بمثل الشراسة والتضحيات في معاركهم مع قبائل بني عدنان.
وفيما يخص قبيلة مذحج ومنها زبيد، فقد قال ابن سعد في الطبقات:2/169: ((...ثم سرية علي بن أبي طالب عليه السلام إلى اليمن، يقال مرتين: إحداهما في شهر رمضان سنة عشر من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا بعث رسول الله عليا إلى اليمن، وعقد له لواء وعممه
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 32 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بيده، وقال: امض ولا تلتفت فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك! فخرج في ثلاثمائة فارس، وكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد وهي بلاد مذحج ... فلقي جمعهم فدعاهم إلى الإسلام فأبوا، ورموا بالنبل والحجارة، فصف أصحابه، ودفع لواءه إلى مسعود بن سنان السلمي، ثم حمل عليهم علي عليه السلام بأصحابه، فقتل منهم عشرين رجلا، فتفرقوا وانهزموا فكف عن طلبهم، ثم دعاهم إلى الإسلام فأسرعوا وأجابوا، وبايعه نفر من رؤسائهم على الإسلام، وقالوا: نحن على من وراءنا من قومنا، وهذه صدقاتنا فخذ منها حق الله)).
وفد زبيد الى النبي
ثم وفدت زبيد على رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقد روى الشيخ المفيد خبر وفودهم في الإرشاد:1/158- 161 نذكره مختصرا، قال: ((ولما عاد رسول الله صلى الله عليه وآله من تبوك إلى المدينة، قدم عليه عمرو بن معد يكرب فقال له النبي صلى الله عليه وآله : ((أسلم يؤمنك الله من الفزع الأكبر)) فقال: يا محمد، وما الفزع الأكبر؟ فإني لا أفزع! فقال: ((يا عمرو، إنه ليس مما تحسب وتظن، إن الناس يصاح بهم صيحة واحدة، فلا يبقى ميت إلا نشر ولا حي إلا مات، إلا ما شاء الله، ثم يصاح بهم صيحة أخرى،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 33 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فينشر من مات ويصفون جميعا، وتنشق السماء وتهد الأرض وتخر الجبال، وتزفر النيران، وترمي بمثل الجبال شررا، فلا يبقى ذو روح إلا انخلع قلبه، وذكر ذنبه، وشغل بنفسه، إلا ما شاء الله، فأين أنت (يا عمرو) من هذا؟)) قال ألا إني أسمع أمرا عظيما، فآمن بالله ورسوله، وآمن معه من قومه ناس... ثم إن عمرو بن معد يكرب نظر إلى أُبي بن عثعث الخثعمي فأخذ برقبته، ثم جاء به إلى النبي صلى الله عليه وآله ، فقال: أعدني على هذا الفاجر الذي قتل والدي. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أهدر الإسلام ما كان في الجاهلية! فانصرف عمرو مرتدا..ومضى إلى قومه)).
غزوة بني زبيد
واستطرد المفيد قدس سره : ((فاستدعى رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام فأمره على المهاجرين، وأنفذه إلى بني زبيد، وأرسل خالد بن الوليد في طائفة من الأعراب، وأمره أن يقصد لجعفي، فإذا التقيا فأمير الناس علي بن أبي طالب. فسار أمير المؤمنين واستعمل على مقدمته خالد بن سعيد بن العاص، واستعمل خالد على مقدمته أبا موسى الأشعري. فأما جعفي فإنها لما سمعت بالجيش افترقت فرقتين:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 34 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فذهبت فرقة إلى اليمن، وانضمت الفرقة الأخرى إلى بني زبيد، فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام ، فكتب إلى خالد بن الوليد: أن قف حيث أدركك رسولي. فلم يقف، فكتب إلى خالد بن سعيد: تعرض له حتى تحبسه. فاعترض له خالد حتى حبسه، وأدركه أمير المؤمنين عليه السلام فعنفه على خلافه، ثم سار حتى لقي بني زبيد بواد يقال له كسر، فلما رآه بنو زبيد، قالوا لعمرو: كيف أنت إذا لقيك هذا الغلام القرشي فأخذ منك الإتاوة -يعنون بها الزكاة-؟ قال: سيعلم إن لقيني. قال: وخرج عمرو فقال: هل من مبارز؟ فنهض إليه أمير المؤمنين عليه السلام ، فقام خالد بن سعيد، وقال له: دعني يا أبا الحسن بابي أنت وأمي أبارزه. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : ((إن كنت ترى أن لي عليك طاعة فقف مكانك)) فوقف، ثم برز إليه أمير المؤمنين عليه السلام فصاح به صيحة فانهزم عمرو، وقتل أخوه، وابن أخيه، وأخذت امرأته ركانة بنت سلامة، وسبي منهم نسوان، وانصرف أمير المؤمنين، وخلف على بني زبيد خالد بن سعيد ليقبض صدقاتهم، ويؤمن من عاد إليه من هرابهم مسلما. فرجع عمرو بن معد يكرب واستأذن على خالد بن سعيد، فأذن له فعاد إلى الإسلام، وكلمه في امرأته وولده، فوهبهم له. وقد كان عمرو لما وقف
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 35 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بباب خالد بن سعيد وجد جزورا قد نحرت، فجمع قوائمها ثم ضربها بسيفه فقطعها جميعا، وكان يسمى سيفه الصمصامة، فلما وهب له خالد بن سعيد امرأته، وولده وهب له عمرو الصمصامة. وكان أمير المؤمنين عليه السلام قد اصطفى من السبي جارية، فبعث خالد بن الوليد بريدة الأسلمي إلى النبي صلى الله عليه وآله ، وقال له: تقدم الجيش إليه فأعلمه ما فعل علي من اصطفائه الجارية من الخمس لنفسه، وقع فيه. فسار بريدة حتى انتهى إلى باب رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلقيه عمر بن الخطاب فسأله عن حال غزوتهم وعن الذي أقدمه، فأخبره أنه إنما جاء ليقع في علي، وذكر له اصطفاءه الجارية من الخمس لنفسه، فقال له عمر: امض لما جئت له، فإنه سيغضب لابنته مما صنع علي. فدخل بريدة على النبي صلى الله عليه وآله معه كتاب من خالد بما أرسل به بريدة، فجعل يقرؤه ووجه رسول الله صلى الله عليه وآله يتغير، فقال بريدة: يا رسول الله، إنك إن رخصت للناس في مثل هذا ذهب فيؤهم، فقال له النبي: ((ويحك أحدثت نفاقا! إن علي بن أبي طالب يحل له من الفيء ما يحل لي، إن علي بن أبي طالب خير الناس لك ولقومك، وخير من أخلف من بعدي لكافة أمتي، يا بريدة، احذر أن تبغض عليا فيبغضك الله)). قال بريدة: